vendredi 9 mars 2018

الدولة الالكترونية والشفافية،،،،،، بقلم/ د. فرج دردور

طموحنا: الدولة الالكترونية والشفافية،،،،،،

بقلم/ د. فرج دردور

بما أن الأسلوب المتبع في الأجهزة الإدارية للدولة الليبية ورقياً غير مفيدٍ لتسيير أمور دولة عصرية يطمح شعبها للحصول على خدمات أفضل، عليه نعتقد بأن من أولويات المرحلة الحالية، أن يؤخذ في الاعتبار، إدخال تقنية المعلومات في النظام الإداري والخدمي للدولة. هذا النظام يجب أن يُعنى بتطوير الإدارة وخصوصاً في المعاملات اليومية بين المؤسسات والمواطنين. حيث أن استخدام التقنية الحديثة يقرب المسافات، ويقلل من المطالبات بحصص في الوزارات، كما يجعل أي محاولات (للمحاصصة) أو المطالبة بحكم فيدرالي، لا قيمة لها في ظل النظام الالكتروني المركزي الذي يخترق حاجز المكان والزمان في تحقيق العدالة وصيانة حقوق الإنسان.

نعم إن استخدام تقنية المعلومات يوفر الجهد والوقت والدقة والعدالة عند القيام بالإجراءات. حيث تطْرح كل المؤسسات الليبية خدماتها على منظومة عبر الانترنت، وما على المواطن إلا أن يدخل على الشبكة ويقوم بتعبئة النماذج الالكترونية المعدة، ويطلب ما يريد، ثم يأتي الرد في الحال، كما تستخدم هذه التقنيات في وضع ملف متكامل لكل مواطن على الشبكة، كي تستطيع أي جهة الدخول على هذا الملف ـ طبعا بعد أخد الإذن ـ وسحب أي معلومات تفيد في تقديم خدمة للمواطن بدون أن يُطلب منه أكوام من الورق، وباستخدام هذه المنظومات التقنية، سوف تحقق العدالة بين الناس دون تمييز، لأنها تتعامل مع أرقام ولا تكشف عن ولاءات.

قد يقول البعض، إن برنامج الدولة الالكترونية يصعب على الليبيين تطبيقه، لأن مثل هذا البرنامج يحتاج إلى تدريب. نقول إن التدريب على هذا البرنامج هي مسألة وقت مرت بها كل الدول، وسوف يستطيع الليبيون القيام بجميع معاملاتهم باستخدام هذه التقنية عبر منظومات معدة لتقديم الخدمات بواسطة الانترنت، مثل التحويلات المالية، والشراء بواسطة البطاقات المصرفية والحصول علي معظم خدماتهم من خلال مواقع الجهات العامة والخاصة على الشبكة العنكبوتية، دون أن يتحركوا من بيوتهم.

ومن يستعمل تقنية الهواتف النقالة لا يصعب عليه التعامل مع تقنيات الدولة الالكترونية....ومن منكم لا يمتلك نقال. ولتحقيق ذلك لابد أن ينخرط الطلاب والمعلمون والموظفون في دورات لنيل الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب، حتى يستطيعوا التعامل مع هذه التقنية الجديدة.

ولا بد أن نعلم أن تعريف الأمية قد تغير ـ وفق الأمم المتحدة ـ فبعد أن كانت تعني عدم القدرة على الكتابة والقراءة، صارت في القرن 21 تعني: (عدم قدرة الإنسان على استخدام التقنيات الحديثة)، وقد واكبت كثير من الدول هذا التطور ومنها عربية، ولنا في الأردن والبحرين مثلٌ، حيث قطعتا شوطاً هاماً على هذا الصعيد، فهيأتا موظفيها ومُدرسيها لاستخدام تقنية المعلومات في الإدارة والتعليم، وقد نجحتا، إلى حد كبير ،في ذلك.

ولعلنا بتبني برنامج الدولة الالكترونية، نحقق تحولاً حقيقياً في مصاف الدول التي تسعى للتطور، وخصوصاً أن إدخال تقنية المعلومات في أجهزة الدولة، لا يكلفنا الكثير من الجهد والمال، لأننا سوف نستخدم أدوات تنفيذ عصرية، تعتمد على قدرات الشباب الليبيين الذين تفوقوا في استخدام هذه الأدوات التقنية. حيث استطاعوا التفاعل مع دول العالم بواسطة تقنية المعلومات، فأقاموا الصفقات التجارية الناجحة، ومنهم من تواصلوا مع مختلف جامعات العالم عبر الانترنت، فتحصلوا على الشهادات في مختلف المجالات، واضعين خلفهم نظامٍ تعليميٍ لم يعد يلبي احتياجاتهم الضرورية من التعليم والتدريب، فأثبتوا تفوقهم عليه.

ثم إن هذا النظام الإداري الالكتروني، يضمن لنا نزاهة وشفافية لطالما حلمنا بها بعد أن دمرها الفساد الذي يعد قضية شائكة، سببت الحرج لليبيين كافة وجعلت دولتنا بالمرتبة السفلى في قوائم الأمم المتحدة. ولهذا عندما نقوم بمحاربة الفساد والمفسدين، فإنما نسعى لردع الذين يحاولون القيام به أسوة بسابقيهم.

فلقد قرأت يوماً في صحيفة فرنسية أن وزيرة فرنسية سابقة اشترت شقة في باريس بثمن مرتفع، عندها تدخلت مصلحة الضرائب لهذه الدولة، لتقييم الوضع، فوجدت فائضاً على دخل هذه الوزيرة. فحُول الأمر إلى القضاء، والعقوبة كانت رادعة، لأنها لم تصرح بالمبلغ الفائض عن مرتبها، حتى وإن كان من حقها، ولاهتزت الدولة بأكملها، لو كان هذا الفائض مسروقاً.

ولقد تم معاقبة رئيس فرنسا جاك شراك بغرامة مالية وأجبر على دفع ثمن أجرة طائرة رئاسية خاصة بعدما استعملها في رحلة داخلية بفرنسا في يوم عطلة رسمية بدون استفاء الشروط القانونية لاستعمال الطائرة الخاصة، وعلى الرغم من أنه كان رئيساً للدولة وقتها، فإن العقوبة كانت رادعة ونشرت في الصحف كفضيحة. وهناك أمثلة كثيرة في العالم.

أما عن آلية تنفيذ محاربة الفساد والمفسدين، فهي بكل سهولة وبحسبة بسيطة (من أين لك هذا؟)، حيث نبدأ على سبيل المثال، بأحد المسؤولين السابقين أو الحاليين الذين تحوم حولهم شبهة الفساد، ونقوم باحتساب كل ما يملكه من منزل وسيارات واستراحة، وغيرها من الأساسيات والكماليات، ونقدر قيمتها، ثم نحسب مرتبه، فإن وجدنا فائضاً في ممتلكاته على إجمالي دخله، عندها لن نحتاج إلى خبراء لتحليل المسألة، فنضع السرقة والرشوة في نصابها. وليس المقصود بالكشف عن الفساد والمفسدين الانتقام من البعض، ولكن ليتحقق الردع، حيث يمكن لأي أحد عندما يجد (المال السايب) أن يقتطع منه دون وجه حق، فمسؤولية الحفاظ على المال العام مسؤولية الدولة، أما الأفراد فيمكنهم أن يقتطعون منه وفقاً لمجهودهم بما تسمح به قوانين هذه الدولة دون تمييز.

وأخيراً، نعتقد بأن محتوى هذه المنشورات يعبر عن الصورة التي يرغب المجتمع الليبي بمختلف أطيافه في رؤيتها بأسلوب عمل الأجهزة التنفيذية، والتي لم يطرأ عليه أي تطور منذ عشرات السنين، وخصوصاً إن العالم تحرك، وما علينا إلا أن نواكبه قبل أن نُوفر ـ للكبار منه ـ المناخ الملائم لأنواع الاستعمار الجديد، وأخطره الثقافي بعد أن سلمناه الاقتصادي منه، وأضفنا الأمني. وعليه فمن وجهة نظرنا، هذا العرض يحتوي على الكثير من تطلعات الليبيين، ويلخص بعضاً من طموحاتهم، وقد طالبوا بها منذ سنين طويلة. مع تفهمنا الشديد إلى الصعوبات التي تواجه أي برنامج طموح من هذا النوع، وذلك بسبب أجهزة الدولة المهترئة بالفساد، والجهوية المنطلقة من النعرة القبلية المقاومة للتغيير والمحافظة على أنماط العيش التقليدية.

وكما أكدنا في أول منشور، فإن هذا النوع من الخدمة المتطورة، يقطع الطريق عن المتطرفين الفيدراليين الذين يرغبون في نظام فيدرالي قائم على أساس المصروفات وليس الإنتاج، حيث لا يوجد في ثقافة هؤلاء المتطرفين بأن المال يتم الحصول عليه بعرق الجبين ولا يوزع في اكياس على مشايخ القبائل ليعيدوا توزيعه على الأقربين وحرمان البسطاء في مناطقهم، ودون الخضوع لأي نظام محاسبي يحدد أوجه الصرف المشروعة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire