mardi 27 février 2018

التربية بين الثواب والعقاب وضبط المحاكاة،،، بقلم/ د. فرج دردور

التربية بين الثواب والعقاب وضبط المحاكاة

بقلم/ د. فرج دردور

يعد الاعتدال عند استخدام الثواب والعقاب في التعامل مع الأطفال بشكل عام ومع المتعلمين بشكل خاص، دليلاً قيماً على نجاح الأسرة والمعلم في عملية التربية. ونحن نعتقد بأن هذه القضية من القضايا الهامة التي تؤثر في تربية النشء وتعكس سلوكهم في مجتمعهم؛ ولهذا يجب التركيز عليها من قبل المعلمين والآباء على حد السواء، وذلك بأن يكونوا ملمين بأساليب الثواب والعقاب وحدودها، وملاءمتها للمواقف المختلفة، واستخدامها في الوقت المناسب لها. وخصوصاً أن الاعتدال في عملية الثواب والعقاب يساعد على نشر ثقافة التسامح داخل المجتمع، لأن التسامح من الصفات المكتسبة التي تنمو بين الأفراد بالاحتكاك، فتؤثر في سلوكهم؛ وقد اجتهد علماء التربية في تطوير مناهج العلوم الإنسانية ذات العلاقة كي تخدم العملية التعليمية بشكل أفضل، وتساعد المشتغلين بالمجال التربوي على بلوغ أهدافهم، فكان لهم آراء متعددة في هذا الشأن.

وهذا يجب أن يرافقه إعلام توعوي يحترم الطفولة، ولا يبث مشاهد العنف والقتل ويصف من يقوم بهذا السلوك بأنه بطل، هذا البطل القاتل والمدمر ولو كان من الجيش الوطني، كان من المفترض أن يعتذر هو نفسه عن هذا القتل ويصفه بأنه سلوك غير سوي ولكنه مضطراً للقيام به لمكافحة الإرهاب مثلاً، ويظهر خجل أمام الأطفال حتى لا يكون سبباً في صناعة الإرهاب من جديد، عبر هؤلاء الأطفال الذين يحاكون ما رسخه الإعلام الهدام في عقولهم من هذه المشاهدة البطولية وفق وصف هذا الإعلام!!

ولابد من التقيد بمنهج العلم والشرع في العملية التربوية، وعدم تجاوز ذلك انسياقاً وراء العادات أو استجابة لردود الأفعال على مواقف المتعلم، وما يصدر عنه من سلوك سقيم ؛ فهذا يدفعه لترك العلم ويغلق أمامه أفاق المستقبل المزدهر في وجهه، ولا يزال يذكر أستاذه بالسوء والشعور بالظلم. فعندما يخطئ المتعلمون ينبههم المعلم على ما بدر منهم بنصح وتلطف لا بتعنيف وتعسف، وباحترام ذواتهم والصبر عليهم، قاصداً بذلك حسن تربيتهم وتحسين خلقهم وإصلاح شأنهم. قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}، (الأعراف 167). فلقد جمعت الآية الكريمة بين العقاب والمغفرة والرحمة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف".

وإذا استخدم أحد الابوين الثواب نظير عمل ما، لابد أن يكون أسلوبه مبنياً على الحكمة وعدم المبالغة، فكثرة الإثابة تؤدي إلى تقليل من قيمة الثواب، فينحرف عن الهدف المنشود، والثواب والعقاب يجب أن يكون بعد الفعل مباشرة حتى يقترن به. وعلى أي حال يجب على الاب أن يمتدح أكثر مما يذم، لأن المدح أبقى أثرا وأحسن من الذم. فيجب التركيز على الثواب أكثر من العقاب في عملية التعليم لأن أثره أقوى في تحسين التعلم. وهذا ينطبق أيضاً على كل مربٍّ.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire