jeudi 8 février 2018

كيف تتم صناعة الإرهاب في ليبيا... بقلم/ د. فرج دردور

كيف تتم صناعة الإرهاب في ليبيا....؟
بقلم/ د. فرج دردور
لقد أثبت علماء التربية بأن مرحلة ما قبل سن 7 سنوات هي التي تتشكل فيها صفات الإنسان، وتنعكس على سلوكه بمراحل عمره اللاَّحقة، وما يتحصل عليه بعد ذلك من عادات في الحياة اليومية ما هي إلا اكتساباً قد يسهم في تعديل سلوكه مع بقاء العادات الأصلية التي فطر عليها قبل سن السابعة، والتي تستنهض كلما توفرت مثيراتها. من ذلك مثلاً يتحدد في هذه المرحلة من عمر الطفل ما إذا ما كان سلوكه سوف يكون منغلقاً عنيفاً، أو محاوراً مسالماً.

إن ظاهرة استخدام السلاح وممارسة القتل وعرضه عبر القنوات، سوف يكون لها تأثيراً سلبياً على تربية أطفال اليوم، لأنهم ينتبهون لهذه الظاهرة، فيحاكونها من خلال اختيار ألعابهم البلاستيكية، وهؤلاء سوف يحملون السلاح عندما يكونوا قادرين على حمله، وهو ما يعد مؤشراً خطيراً تظهر انعكاساته السلبية لاحقاً، حيث سترتفع وثيرة انتشار سلوك العنف داخل المجتمع الليبي، ويزداد معدل الجريمة في البلاد وسيتحول كثيراً من هؤلاء الأطفال إلى إرهابيين يسهل استدراجهم للتنظيمات الإرهابية.

ومما زاد الأمر تعقيداً، بعض القنوات التلفزيونية التي تبث ـ بغير قصد ـ كل مشاهد العنف والقتل واستعمال السلاح على شاشاتها، دون مراعاة لأدنى قيود المهنة، عندما تعرض هذه المشاهد المؤسفة، لابل تستضيف (مثقفين) يحرضون على ممارسة العنف ويستخدمون لغة التهديد والوعيد في خطاباتهم، وأجلاف آخرين يضهرون وينتمون إلى العصور الغابرة.

وعليه فإن هذه القنوات تعمل على ربط الصورة البشعة باللغة الخشبية، فتكتمل الرسالة السيئة لتصل إلى المتلقي مشوهة الدلالة، فيتشبع بمفرداتها أطفالنا في وقت مبكر، مما يؤثر في سلوكهم مستقبلاً. وبهذا يفرضون على المجتمع أسلوباً تربوياً عنيفاً غير مرغوب، فيه، فتهدد أمنه.


وقد أولى الدين الإسلامي اهتماماً كبيراً بتربية النشء، على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية، حتى يكون الإنسان مستقيماً صالحاً لأسرته ومجتمعه. قال تعالى من سورة لقمان: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور ﴾.

ومن جانبي أقول، بأن العنف يعني السلوك الذي يلحق الأذى بالآخرين أو ممتلكاتهم أو العبث بالمؤسسات العامة. ولا وجود لأي دليل علمي يثبت خرافة: (هذا شعب أصيل وذاك غير أصيل)، لأن الأصالة تكون في التربية، وهي نسبية حتى في أحسن الظروف. وتستمد مشروعية العنف من اعتراف المجتمع به، كالمستخدم ضد النساء مثلاً.

وما نلاحظه اليوم من ممارسة العنف أو التحريض عليه من قبل بعض الناس، ما هو إلا انعكاساً لتربيتهم القاسية التي تعرضوا لها ما قبل سن 7 سنوات، والدليل قد يوجد من يحمل شهادة دكتوراه، ويحرض على العنف أو يقوم به، على الرغم من أنه على درجة عالية من العلم والمعرفة، ومع ذلك لم يتأثر بعلمه وبقى رغم طول السنين متأثراً بتربيته الأولى، وهؤلاء تجدهم في الغالب يمارسون العنف حتى مع أسرهم.

وقد اهتمت الدول المتقدمة بالتربية المبكرة، حيث هيئت كل السبل التي تساعد على توفير رعاية كافية للأطفال وخصوصاً سن الحضانة، ورياض الأطفال. فقد بلغت المصروفات على الطفل الواحد في مرحلة الحضانة بفرنسا مثلاً، ما يعادل 25 ألف دينار سنوياً، توفر من خلال هذا المبلغ كل المستلزمات المطلوبة للتربية العصرية، أضف إلى ذلك اهتمام الدول ببرامج التوعية الأسرية التي تتابعهم حتى في بيوتهم.

وهذا الاهتمام يعكس رغبة هذه الدول في الإشراف التربوي المباشر على الأطفال منذ سن مبكرة عن طريق كوادرها التربوية المدربة. أما عن رعاية الطفل في ليبيا فاترك لكم التعليق.


فهل من متعظ

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire