samedi 12 juillet 2014

التعليم العالي أزمات لها جذور وأطنبت بقلم/ د. فرج دردور

التعليم العالي أزمات لها جذور وأطنبت.....!!
بقلم/ د. فرج دردور
    مع احترامي الشديد لرؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام العلمية المخلصين في أداء واجباتهم، رغم تحفظنا على بعضهم، لعدم مراعاة المعايير الأكاديمية عند تكليفهم، أقول إن تصنيف جامعاتنا في قائمة الجامعات التي صُنفت في وقت سابق، بأنها خارج قائمة (500) جامعة الأولي، كان تصنيفاً صائباً، بالنظر لما يحدث في بعضها من فساد علمي وإداري، بعد أن تحولت المؤتمرات العلمية إلى مناسبات لدر الرماد في العيون، دون أي قيمة علمية تذكر، والبارز الوحيد فيها، هو توزيع الشكر والثناء بين الأصدقاء وتكريم الأقرباء دون استفاء. ومحصلة هذه المناسبات تنتهي في (بوفيه) المرطبات والمشروبات الشهية، ولا شيء غير ذلك إلا ما ندر. أما المجلات العلمية، فقد تم الاستلاء عليها من قبل بعض الفاشلين لتمرير وريقاتهم الرثة، وللتجمل على الزملاء كي ينشروا لهم بحوثهم. ولتورية هذا الفساد العلمي يتعاونون مع فريق من المراجعين يمررن لهم بحوثهم، ويرفضون بحوث غيرهم، حتى تكون لأفعالهم الشنيعة صبغة قانونية. وينتهي الحال بهذه المجلات العلمية، في آلات كبس الورق، استعداداً لإعادة تصنيعها، كجزء من عمليات تدوير النفايات.
    أما الفساد الإداري فقد استشرى، والذي من ابشع مظاهره، أن يقبل رئيس قسم علمي بمنصب مخبر للذي زكاه، مطيعاً لأوامره، يمارس كل أنواع التدليس المضرة بكيان الجامعة، من أجل إرضائه، مقابل أن يتغاضى من زكاه عن تجاوزاته ومخالفاته، محاولاً جاهداً ـ عن طريق فريق (فزعة) يكونه ـ التضييق على كل من لا ينصاع إلا لنتائج العلم، والذي سيتجمعون عليه بخبثهم. ومن هنا كان لمثل هذا السلوك الذي يتم فيه تكليف المسؤول بالجامعة على أساس التبعيىة والولاء، بدل المقدرة الإدارية والكفاءة العلمية، والنزاهة الشخصية، أثره البالغ على الأداء العام للجامعة، وخصوصاً على أعضاء هيئة التدريس، الذين صاروا يحسون بظلم وقع عليهم، من قبل بعض الذين التحقوا بركب الجامعة، قادمين من جامعات (قارعة الطريق) بدول متخلفة علمياً وثقافياً. فلا هم بحملة علم، حيث أن تأهيلهم قاصر بدليل جامعاتهم، ولا هم بحملة أخلاق يمكن اكتسابها من دول تعلموا فيها، وهي تغرق في ظلمات الجهل. (فاقد الشيء لا يعطيه).....هؤلاء هم أول من تجدهم يعارضون التطور والتجديد، وكيف يقبلون به وهم لم يتعودوا عليه، وخصوصاً أن أي محاولة لتصحيح الوضع القائم، قد تقذف بهم خارج الوسط الجامعي.
   ولهذا يظهرون أنفسهم في صورة المثابرين عن طريق افتعال بعض المناسبات العلمية الجوفاء، للتغطية عن العجز العلمي الذي يعانون منه، وإذا شاركوا في مؤتمر دولي، فإنهم يذهبون جماعة عبر (رحلات الشارتر الرخيصة)، التي تدفع ثمنها الجامعة، دون أي مردود ينعكس على أرض الواقع، ولتثبيت وضعهم يستميتون على تقلد أي منصب، لأنه الضمانة الوحيدة لاستمرارهم، ومنه يستطعون محاربة كل الناجحين، حتى لا يكون من بينهم من يحمل علم يفوق قدرتهم. وهكذا يضيقون على كل وطني شريف يحاول فعل شيء لخدمة جامعته وبالتالي مجتمعه، فقط لأنهم موجودين لتمرير ما يرغب فيه غيرهم. ونظراً لإدراك المكلف بمهمته وشروطها، وعلى اعتبار أنه قبل بأن يكون تابعاً مجروراً، فإنه يكون مستعداً للمارسة التزوير لإرضاء رؤسائه، مقابل أن يتغاضون عن تجاوزاته .قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) (12)، البقرة .
    إذن ما يُصيب الجامعات اليوم هو جزء من حصيلة، ما أصاب أجهزة الدولة بشكل عام، حيث يتقدم للتعيين بها، المتحصل على مؤهل الدكتوراه، والماجستير في نفس التخصص، وقد يكون حامل الدكتوراه من جامعة أفضل ــ مع احترامي الشديد للجميع ــ ومع ذلك يُقدم حامل الماجستير على الدكتوراه إذا كان لديه ما يقربه بالمسؤولين، ويمكنكم من هذا وذاك، استنتاج مستقبل الطالب الذي أصبح ضحية كل هذه المعادلات الظالمة.
    ومما يؤسف عليه، أن جامعاتنا تستهلك في أكوام من الورق لإنجاز معاملات يومية، كان من الممكن أن تتم الكترونياً، ويستغرق تبادل هذه المعاملات بين الأقسام والكليات أيام، وينال البعض منها الضياع. ويتم كل ذلك في وقتٍ أصبحت فيه جامعات العالم ومنها عربية، قد تطورت إلى درجة أن أغلب معاملاتها تتم عبر منظومات معدة لهذا الغرض، فسهلت التواصل في داخلها ومع نظائرها.


          حفظ الله البلاد والعباد، من سوء أعمال الفساد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire