lundi 18 février 2013

لا تفسدوا على الليبيين فرحتهم بقلم/ د. فرج دردور


كتبها د. فرج دردور ، في 23 سبتمبر 2011 الساعة: 09:40 ص


لا تفسدوا على الليبيين فرحتهم

بقلم/ د. فرج دردور

       في الوقت الذي يتابع فيه الليبيون الأخبار القادمة من المدن غير المحررة عبر الفضائيات، وكل حواسهم مشدودة لتضحيات الثوار في سرت وبني وليد ومدن الجنوب، ويتبادل الناس الرسائل النصية فيما بينهم لطلب الدعاء لأولئك الأبطال في جبهات القتال، كي يمدهم الله بالنصر، نجد من هو منشغل بمتطلبات اللعبة السياسية، من دعاية ودعاية مضادة واتهامات متبادلة، ولا شك في أنها مشروعة لإثراء الحوار السياسي الذي لم نتعود عليه منذ عقود، إلا أن الاستعجال من قبل بعض السياسيين انطلاقاً من مقار إقامتهم بالفنادق، يعتبر سلوكاً غريباً وشاداً لا يراعي حرمة الدماء التي ما تزال تسيل على أرض المعارك.
       الأمر الذي قد يفسر من بعض الليبيين، بأنه محاولة للقفز على الثورة، ولربما يعطي انطباعاً غير مقبول يثير هواجس الأصدقاء من الدول الأخرى، الذي أصبح الزائر منهم يحث الليبيين على تجاوز خلافاتهم في إشارة إلى إحساسهم بها، وتخوفهم مما قد يترتب عليها من فرقة تُخرج الثورة عن مسارها.
       وما أستغربه على المستوى الشخصي، هذا التهافت غير المعقول لحصد ثمار الثورة قبل نضوجها. فعلى الرغم من أن الكثير منَّا قد اشترك بجهد متواضع، قد لا يقل أهمية عن أدوار من يتصدرون اليوم وسائل الأعلام، الذين أصبح البعض منهم (يشال على الأكتاف)، وأننا على بعد أمثار من الفنادق التي تنبعث منها الأضواء. إلا أننا لم نشترك في المزاحمة برؤوسنا مبتسمين لالتقاط الصور من خلف (ساركوزي وكامرون وغيرهم). فلم نفعل هذا لسببين، أولهما، مهما كان دورنا يجب أن نقف إجلالاً للمقاتلين الأبطال، فلا يمكن أن نقدم أنفسنا عليهم. ثانيهما، إننا نستحي أن يسيل لعابنا أمام الخباز للحصول على حصة من كعكة الثورة قبل أن تجهز. 
       ومع ذلك لما لا يتحاور الجميع لتبديد كل المخاوف التي ولَّدتْ عدم الثقة بين الأطراف. والتنوع أمر مطلوب لترسيخ الديمقراطية، وكل وجهات النظر يجب أن تكون محترمة، وفي النهاية الشعب الليبي هو الذي سوف يقرر من هو الأصلح عبر صناديق الاقتراع. من وجهة نظري هذا الحراك ظاهرة صحية ما لم يشخصن. وإلا كيف سنتدرب على الديمقراطية. ولكن الصبر مطلوب، لأن التسرع في إطلاق الأحكام غير المدروسة وتغذيتها وما يترتب عليها، قد يحبط الثوار. 
       نقول ونكرر، العالم يراقب تصرفاتنا فلا تجعلوه يندم على مساندتنا، ناهيك عن الاستمرار في دعمنا، ونحن في أوج الحاجة لخبراته من أجل إعادة بناء دولتنا. 
       وليعلم كل من أراد تحقيق مكاسب سياسية بطريق تضحيات غيره، فهو واهم، مهما كانت منطلقاته، إسلامية علمانية أو أي اتجاه آخر. فمن أراد أن يحكم ليبيا في المستقبل عليه أن يتقبل ـ مع احترامي الشديد ـ القذف بالبيض والطماطم من أي ليبي إذا لزم الأمر، ناهيك عن توجيه النقد وبكل الوسائل. لقد ولَّى عهد الديكتاتوريات ولا مكان للولاء السلبي على حساب العلم والكفاءة. وإن الهواجس التي تطرحها كل التيارات بدون استثناء يجب أن يتم التحقق منها بدل إهمالها، مهما كان مصدرها، وألا نطلق الأحكام والتهم جزافاً دون دليل. 
       علينا أن نتحرك في اتجاه عقارب ساعة العالم مع الحفاظ على هويتنا الدينية والثقافية دون إقصاء، عندها فقط سوف نلقى كل الاحترام من المجتمع الدولي، أما إذا أثبتنا بأننا نفتقر للنضج، فسوف يكون التعامل معنا على أساس ذلك، شئنا أم أبينا، وقرارنا ـ لا سامح الله ـ قد يكون بيد غيرنا. 
       هذا رأي الشخصي ومن يختلف معه، أحترم مدْعى اختلافه الذي لا يفسد في الود قضية.

للتواصل:

fdardour@gmail.com



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire