lundi 18 février 2013

بقلم/ د. فرج دردور، ذهب النظام وبقى النظام والنتيجة لا نظام


كتبها د. فرج دردور ، في 14 سبتمبر 2011 الساعة: 07:29 ص


ذهب النظام وبقى النظام والنتيجة لا نظام

بقلم/ د. فرج دردور
       مدينة اسبيعة قرية زراعية تقع جنوب مطار طرابلس العالمي على الطريق الرابط بين طرابلس وترهونة، وتبعد 55 كم جنوب طرابلس، هذه المدينة عانت مثل غيرها من الإهمال والتهميش. تفاعل اغلب أهاليها مع أحداث ثورة 17 فبراير، من خلال المحطات الفضائية، فبكوا حال بنغازي، ثم مصراتة، وحزنوا لما تعرضت له مدينة الزاوية من قمع كتائب القذافي، وتابعوا انتصارات ثوار جبل نفوسة الأشاوس وخصوصاً الزنتان، وأشادوا ببطولات كل المدن الثائرة. وكثيراً ما كانت تحصل بعض المناقشات بين المؤيدين لثورة 17 فبراير والمعارضين، وفي الغالب ما تنتهي بفض الخلاف بطرق ودية كي لا تطال الناس اعتقالات أجهزة الأمن، ونحمد الله على أن حالات الوشاية والاعتقالات – وفق الأهالي –  كانت محدودة جداً، وقد اتفق السكان على تأمين مدينتهم ذاتياً من الداخل، بعد أن تحصل بعضهم على سلاح خفيف بطرق مختلفة، ولم توجه أي رصاصة نحو الثوار. أما عن التطوع للقتال في جانب كتائب القذافي – فعلى حد علمي– لم تسجل أي حالات تطوع في جبهات القتال، والدليل هو عدم وجود قتلى أو جرحى أو مفقودين من أهل المدينة المحسوبين على النظام. ويمكن القول إن هذه المدينة الصغيرة لم تكن تشكل اهتماماً كبيراً بالنسبة للنظام من الناحية (اللوجستية)، ولم تتواجد فيها أي كتائب تابعة للنظام، والدليل على ذلك، عدم ملاحظة عمليات قصف عسكري على أي منطقة من المدن الثائرة انطلاقاً من هذه المدينة. ونستطيع القول بأن نتيجة هذه المدينة هي (صفر صفر)، والانقسام لم يقع إلا في قلوب الناس، ومن يدعي غير ذلك عليه إثبات الحجة بالدليل. 
      أما وإن وصل الثوار إلى مدينة الزاوية وبدأ الحديث عن تحرير طرابلس، فقد قام الأهالي برفع علم الاستقلال فوق مركز الشرطة دون تدخل من أحد. وبعد أن تم الحسم بحمد الله، اتفقوا على تشكيل مجلس عسكري ومدني تنفيذاً لإعلان المجلس الوطني الانتقالي، بضرورة تكوين مجالس محلية لتسيير أمور المدينة، وقد تم ذلك باختيار نخبة من أساتذة الجامعات وضباط الجيش، وكان الشرط الوحيد هو عدم تقلد أعضاء المجلس لمناصب قيادية مع النظام السابق. 
      وما لبث أن استقر الوضع حتى بدأت هجمات، ممن يدعون أنهم ثوار، تهل على هذه القرية من كل حدب وصوب، من ذلك: ( ثوار ابوغيلان من قدم الجبل، وقد استولوا عنوة على سيارات وسلاح من المجلس العسكري ومعدات أخرى)، ( بعض من ثوار سوق الجمعة، وقد استولوا على سيارات وسلاح من المجلس العسكري)، وكلما حاول مسؤول من المكتب العسكري التحاور مع هذه المجموعات، اتهموه بأنه من الطابور الخامس، ووصل الأمر بتوقيع أوامر قبض. هذا النوع من الترهيب (الميم طائي)، سمح للجميع بنهب بعض مقدرات المنطقة رغم انف الأهالي، والذهاب بها لمناطقهم واقتسامها، والكل يدعي الوطنية ويرفع شعار ليبيا حرة ويمارس سلب حرية الآخرين. هذه المجموعات المدججة بالسلاح تتجول بمختلف أنواع الأسلحة، يطلق بعضها النار في الهواء للترويع، وفي إحدى المرات تزامن دخول مجموعتين في وقت واحد، ولكم أن تتخيلوا عندما يحصل هذا في منطقة لم تتعود على إطلاق الرصاص، ويرى الأطفال هذه المظاهر، يدخلون تارة بغرض الاستيلاء على سيارات وسلاح، وتارة بوشاية من أحد ممن يدعي كذباً بأنه من الثوار، وقد استخدم علاقته الشخصية مع النافدين في هذه المجموعات. ولمصالح نفعية يتهم بعض ثوار هذه المدينة بأنهم من أزلام النظام، وكل أنواع التهم حاضرة إلا الدليل يظل الغائب الوحيد. حيث وصل الأمر بإحدى هذه (المدججات)، أن تتخذ من منزل أحد الأفاقين المتسلقين نقطة انطلاق لمداهمة الأهالي الآمنين، وقد حصلت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، من اقتحام المنازل وإطلاق الرصاص في الهواء الذي أدي لترويع الأطفال والنساء والمسنين. وقد صدمت مرة عندما اتصل بي طفل يبكي ويخبرني بأنه يرى من نافذة منزلهم سيارات يطلق منها الرصاص وهي تطوق المنزل بحجة وجود سلاح، وقد سقطت الحجة لسببين، أولهما أن المرافق لهؤلاء الثوار هو من أهل المنطقة الذين لديهم مشاكل شخصية لا علاقة لها بالثورة مع أصحاب هذا المنزل، ولا دليل على أنه من الثوار، وكان يهدد ويتوعد على مسمع من هذه المجموعة وكأنه قائدهم، وهم من خارج المنطقة. ثانيهما وقد بات السلاح في يد الجميع فلماذا تختلف خطورة السلاح من ثائر إلى آخر؟ 
       ثم بالله عليكم من الذي أعطى الحق لبعض من ثوار سوق الجمعة بأن يتعاملوا مع سكان المناطق الأخرى على أنهم قصَّر، فيتجاوزون حدود منطقتهم مروراً بمنطقة الفرناج، تاركين خلفهم منطقة سيدي السائح، وقصر بن غشير، داخلين من خلف ثوار الزنتان الأشاوس أبطال القرن، الذين يتمركزون في منطقة المطار، ليحلوا ضيوفاً بالإكراه على منطقة اسبيعة على بعد 60 كم من سوق الجمعة نقطة انطلاقهم؟، فهل البطولات التي قام بها ثوار سوق الجمعة والتي لا يختلف عليها اثنان تستدعي أن يضعوا وصايتهم على أي منطقة في ليبيا؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يذهب هؤلاء إلى الزاوية أو الخمس مثلاً، حتى نستطيع أن نرى في الظلم عدلاً؟. وهل مسموح لثوار اسبيعة أن يقوموا بنفس العمل في سوق الجمعة؟ إذن لربما الدافع من هذا التصرف الغير موفق، هو نصرة شخص له علاقته الخاصة والاستيلاء على سيارات. وهذا ما أظنه قد حصل فعلاً.
       هذا الوضع لا يعني أن الحالة الأمنية لا تتحسن، بل أن توفير الخدمات الأساسية من ماء، وكهرباء، وغداء، قد أصبح يعود إلى وضعه الطبيعي في طرابلس بفضل جهود المخلصين من أبناء الشعب الليبي، ومع هذا يجب التركيز على معالجة بعض المنغصات الأمنية، كي يستطيع كل مواطن المشاركة بفاعلية في مسيرة الانطلاق نحو بناء ليبيا حرة.
      وعليه أناشد كل من الأستاذ الفاضل مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي، والأستاذ الفاضل محمود جبريل، وكل المنضمات المهتمة بحقوق الإنسان، أن يتدخلوا لإيقاف هذه التجاوزات والانتهاكات الخطيرة، كي يعيش الناس أحراراً آمنين في بيوتهم مع أفراد أسرهم. وترك أهل المنطقة يعالجون أمورهم وفق القانون، فليبيا ليست ملكاً لمجموعة مسلحة تدوس كرامة الناس.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire