dimanche 17 février 2013

المنبر والرسالة المفتوحة، بقلم/ د. فرج دردور

المنبر والرسالة المفتوحة… خواطر معلم 

كتبها د. فرج دردور ، في 25 يناير 2010 الساعة: 22:37 م


بقلم/ د. فرج دردور

      منبر التعليم والبحث العلمي نقلة نوعية على صعيد الإدارة الالكترونية، قرب المسافات بين ربوعٍ مترامية الأطراف، فمكن المهتمين بقطاع التعليم من تبادل المعلومات وإبداء الآراء وعرض وجهات النظر والمشاركة بالاقتراحات، كما فسح المجال أمام الجميع لمناقشة قضايا أثارتها مقالات تعكس بموضوعية الرأي العام، وذُيلت بتعليقات عفوية، يخشاها كل مغيب للحقيقة، ساحتها عالم الفضاء الالكتروني الذي لا يطاله مقص الرقيب، فقوبلت كل المشاركات بشفافية عالية وحياد منقطع النظير جسده القائمون على المنبر. فبعد أن كان ما يكتب عن التعليم لا يتجاوز أدراج المكاتب ومواقع الصحف، أصبحت بفضل المنبر مراجع يجد فيه كل باحث ضالته. 

      هذه التجربة الرائعة أتاحت للمهتمين التعرف على ما يحدث في وسطٍ تعليمي مهمل، أقل ما يقال فيه أنه مستفرد به من قبل مدراء تنقص بعضهم الكفاءة ناهيك عن التخصص، خلفية وجودهم الولاء بدافع الاستفادة من منصب متشبثين به إلى حدٍ يندى له الجبين، فمارسوا التسلط بقرارات سادية تنقصها الحكمة وأصول الدراسة. 

      كل هذه الأمور أصبحت  أكثر وضوحاً بعد مشاركة المعلمين والموجهين بتعليقاتهم على ما يعرض في هذا المنبر، الذي قرب المسافات بين وجهات النظر لأطراف كانت إلى وقت قريب لا دور لها إلا التلقي. ومع ذلك فإن المنبر ما زال بحاجة لدعم المهتمين بقطاع التعليم ليشاركوا ويتفاعلوا مع المواضيع المنشورة، ويكون ذلك ممكنناً عندما يحس الجميع بأن هناك اهتمام بالقضايا المطروحة مهما كانت بسيطة. هذا الاهتمام يتجسد بمساهمة فاعلة من مدراء وخبراء التعليم، لخلق مناخ ملائم يعرضون فيه آراءهم وبحوثهم، عندها سوف يحصل نوعاً من التنافس يجلب المثقفين لإثراء الحوار، فتحدث حالة من النقاش العام تولد الأفكار لتأخذ طريقها في التنفيذ بعد أن تصبح ناضجة. 

      مع تقديرنا لحالة التذمر الشديد التي يعيشها المثقف الليبي نتيجة تعثر محاولات الإصلاح، وهو ما خلق جواً خانقاً للتفكير والإبداع، أثر سلباً على البحث العلمي، فعُوض عنه بشعارات أثبتت فشلها على مدى عقود مضت، بعد أن استخدمها اغلب المسؤولين مطية للقفز عن واقع أليم إلى عالم الخيال، وكان الإعلام التقليدي يغرد بهذه الشعارات بأصداء لا تتجاوز غرف بثها، والنتيجة كانت انهيار مؤسسي كامل عصيِّ عن الإصلاح. وقد كان لقطاع التعليم نصيب من ركوب موجة الشعارات، فسقطت برامجه في مستنقع الدعاية المنافية للواقع 

       أما اليوم فإن أي جهد إعلامي من وجهة نظرنا يضيف عبء أكبر على إدارات التعليم إذا ما حاولنا إقران الأقوال بالأفعال. فما على المسؤولين إلا تحريك إعلامهم الخاص المتمثل في منبر التعليم والبحث العلمي والتفاعل مع كل الاقتراحات المعروضة والأسئلة المطروحة على صفحاته، والتي ما زالت تحتاج لإجابات، لا بل أن بعضهم امتنع عن المشاركة، بعد أن لاحظنا إعلانات تشيد بلقاء قريب معه.

       فلماذا تتركون منبركم وتتجهون لوسائل إعلام أخرى من أجل رسالتكم، وأنتم تعلمون جيداً في قرارة أنفسكم، بأن من يحدد صلاحيتكم هم أبناء جلدتكم من قطاع التعليم، يقول المثل المقلوب: (صاحب مهنتك صديقك)، فاقبلوا عليهم بكل صدق ومسؤولية متخلصين من بروجكم العاجية، ناظرين في وجوه المعلمين والموجهين وكل المخلصين، مباشرة بدون وسيط، وأجيبوهم عن أسئلتهم المطروحة، حتى يقبلوا عليكم، فتندمج الأفكار وتعم الفائدة على الجميع فيتحسن الأداء. 

       عليه فإن نصيحتي لكل مسؤول ألا يعول كثيراً عن الإعلام، إلا إذا كان مدعوماً بحقائق لا تقبل الرد، كالدراسات والإحصائيات الدقيقة، أي بمعنى الوقوف على أرض صلبة بلاطها البحث العلمي. 

      وفي النهاية لكل متخصص حق العمل بميدانه أينما يجده مناسباً، مادام للمصلحة العامة، ويتعلق بجهة عامة، والمطلوب أن تُحمل المواضيع المطروحة على محملها، وللجميع الحق في الرد والتعليق والنقاش فيما هو معروض، بعيداً عن اسلوب (من أنت ومن تكون، وتبحث عن الشهرة والمنصب)، وما المانع أن نستفيد من بعضنا بتجرد ودون تشخيص للأمور، بعيداً عن التشنج، ولا أحد يتصف بالكمال. فنحن نتناول أعمال الأفراد ولا نمس ذاتهم الشخصية، وهو ما يتسق تماماً مع قوانين البحث العلمي. وهذا لا يمنع من تناول صفات بعضهم، عندما يمثلون موقعاً عاماً دون ذكر أسمائهم أو التلميح عن أحدهم. 

      وليس ما نقوله بالضرورة تعبيرُ عن حالة آنية تنطبق على من هم في المنصب، بل نتناول حالة عامة، سوف يعبر عنها غيرنا لربما بأكثر قسوة عندما يكون خارج منصبه، فالمستلم الجديد يقدح في كل ما قام به زميله القديم، والرفيق القديم يتهم زميله الحديث بعدم الكفاءة، وهي الثقافة السائدة، وأظن عندما تنتهي هذه الثقافة سوف لن يكون هناك مقالات من نوع ما نكتب، لأن الجميع سوف يتألم من تقلد المنصب مثلما يتألم اليوم تاركه. والى أن يأتي ذلك اليوم نقول:   

تعليم أبنائنا قداسةٌ وخطٌ أحمرٌ للوطنيين   

والتلاعب بعقول الجيل سياسةُ الفاشلين   

مدراءٌ للاستفادة من مناصبهم باقين  

جلهم في مهمات دولة خارجين  

والعودة مكللة بخفي حنين 

شغف بدولار من السفر عليه حاصلين  

سياراتهم فارهة وأفضل منها راغبين   

عيونٌ لا يملأها إلا التراب وفي عملهم مقصرين  

بعض الخبراء تزويراً بالتعليم مندسين  

تنقصهم الحنكة وللبصيرة فاقدين  

تقدير حكمتهم تزكية المفلسين  

نحصرهم في قائمة المنتفعين  

التاريخُ يوماً سيتكلمُ ويفضحُ الفارغين  

لتتحدث قراراتُـكم جهرة ولتوقفوا الخاطئين  

ولتدعموا الاختصاصين إنْ كنتم من الصادقين 

لا تخافوا في الحق هرطقة أو تلاسن المتفرجين  

الألفية ناكرةٌ للجهل وكارهةٌ لتزوير المتسترين  

أتزرعون الأمية بسخاء وأبناؤنا من الحاصدين؟  

قولوها علناً وانظروا في رواتب المعلمين  

هذا مخرجكم باعتقادنا يا سادة المسؤولين!  

أفهمتم فحوى رسالتنا؟  

فُواحُ عِطرها يصمُ آذان المفسدين  

أما عَبقُ مضمونها فيُبهجُ قلوب الملايين 

سلامٌ عليكم ختاماً من الأنفسِ المُخْلَصين

لأننا عشاقُ وطن من أهل التراب الأصليين  

نقول بُعداً للفاسدين ولا حسرة على المتسلقين

نعلنها صراحة لمواصفات مناصبكم نابذين

فلا خوف على كرسي المتشبثين

من عزاز نفس العيش مختارين  

يشرفنا مهنةٌ بزمالة أساتذة جامعيين  

صريحُ القول نهجُنا ولبئس جحيم المنافقين

      ومن هنا أوجه دعـــــــوة صــــــادقة لكل من الدكتور عبد الكريم الفاخري والدكتور محمد الحصن، اللذان لهما الفضل في انبعاث واستمرار المنبر رغم عصف العاصفين. ندعوهم للقيام بوقفة جادة من أجل مراجعة سلامة شغل الوظائف. فيكون الإنسان المتخصص في المكان المناسب، وبالتالي قطع الطريق عن المتملقين والمتسلقين ـ إن وجدوا ـ وهذا يتم وفقاً لما لاحظناه على الأقل في دولة متقدمة بإجراء مسابقات ضمن معايير معينة، يتقدم إليها أهل التخصص والخبرة، فيفوز الأصلح، وبهذا يكون المكلف محترماً من بين زملائه لأنه أقدرهم.

      إذن إخواني قضايا قطاع التعليم مركبة ومرتبطة ببعضها ولا يمكن حلها إلا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتفعيل القوانين أمر ضروري، لأن البحث العلمي لا يكفى وحده. 



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire