lundi 18 février 2013

النظام الجزائري وسياسة حشر الأنوف، بقلم/ د. فرج دردور


كتبها د. فرج دردور ، في 30 سبتمبر 2011 الساعة: 15:25 م


النظام الجزائري وسياسة حشر الأنوف
بقلم/ د. فرج دردور
     في البداية نترحم على المليون ونصف شهيد الذين قتلهم الفرنسيون في الجزائر، يضاف إليهم ألاف الجزائريين الذين قتلوا في حقبة التسعينيات بسبب انقلاب الجنرالات. ونترحم على عشرات الآلاف من الشهداء الليبيين، الذين قتلتهم كتائب القذافي بمساندة حكومة الجزائر. كما نترحم على ألاف الشهداء من المغرب الذين سقطوا بدعم من الجزائر دفاعاً عن وحدتها، ونأمل الشفاء العاجل للمصابين من الليبيين الذين نكل بهم ـ وفق بعض المعتقلين ـ رجال الأمن الجزائريين المستعارين للتعذيب في سجون القذافي.
     وليس غريباً أن تتورط حكومة الجنرالات في سفك الدماء، وهى التي تشترك على مدى سنوات طويلة في تأجيج النزاع العربي من خلال دعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية، وقد عرقلت أي محاولة دبلوماسية تهدف لتسوية هذا النزاع.
     هذه الحقيقة المرة، عن هذه الدولة ذات النزعة الانفصالية، بات يعرفها كل عربي وهي التي تَحُولْ دون تنقل المواطن العربي من الشرق إلى الغرب بقفلها الحدود بين الجزائر والمغرب، في الوقت الذي تمد فيه كل جسور التواصل مع فرنسا المستعمر القديم.
     أما عن حجة دعمهم للقذافي ضد شعبه، بأن هذا الأخير قد استعان بالأجنبي، فهي مردودة بوجهين، الأول إن من بدأ بالاستعانة بالأجنبي ضد شعبه هو القذافي وساعدته حكومة الجزائر في جلب المرتزقة ومنهم مسيحيون وملحدون من أوروبا الشرقية، أتوا لقتل الشعب الليبي المسلم. الوجه الثاني، إن جنرالات الجزائر لا يتجرؤون على إعطاء قطعة سلاح واحدة يمكن أن تصيب طائرة من طائرات الناتو، ولم يسقط القذافي طيلة الحرب ولو طائرة بدون طيار. بينما صب حمم نيرانه على المدن الليبية باستخدام السلاح والمرتزقة من البوليساريو وغيرهم القادمون عن طريق الجزائر، وكان المتضرر الأساسي هم الأطفال والنساء والعجزة الذين دفنوا تحت أنقاض منازلهم.
     ثم إن بعضاً من أعضاء الحزب الوطني الجزائري يلومون أهالينا في بنغازي عن رفع العلم الفرنسي في ساحة التحرير، والكل يعرف دور فرنسا في انقاد بنغازي من مذبحة كانت وشيكة ، لولا أن إرادة الله لحماية هذه المدينة قد سبقت إرادة الطاغية بالقضاء عليها، للحق بشعبها الدمار.
     ثم كيف للجزائر أن تلوم الليبيين عن رفع علم فرنسا، وهي الدولة العربية الوحيدة التي ما تزال حكومتها تتشبث بالتقافة الفرنسية، ولا تبذل أي جهد يذكر من أجل ترسيخ الثقافة العربية، لا بل أن مسؤوليها يفضلون استخدام الفرنسية في مجالسهم الخاصة، كلغة (البريستيج)، La langue culturelle))، ويتفاخرون بأبنائهم الذين درسوا في فرنسا ولا يجيدون اللغة العربية، وجنسياتهم فرنسية، ولا يتلقون علاجهم إلا بفرنسا.
     ونحن نعلم المحاولات المتكررة التي تقوم بها فرنسا لتقليص الجالية الجزائرية، كدفع مبالغ هائلة لكل جزائري يرغب في العودة إلى بلده الأصلي، حتى وصل الأمر بالتشجيع على إنشاء مشاريع اقتصادية للعائدين بتمويل فرنسي. ومع هذا الرفض الفرنسي للوجود الجزائري، يتهافت الكثيرون وخصوصاً من الحزب الوطني للحصول على الإقامة الفرنسية، (le titre séjour)، ويصل الأمر إلى تزوير المستندات من أجل البقاء في فرنسا. وقد استفاقت فرنسا يوماً لتجد أن مليارات الدولارات قد صُرفت من، (L’assurance maladie)، على علاج بعض الجزائريين بالتزوير. ومع ذلك يتحدث هؤلاء الأفاقون من الحزب الوطني عن عمالة الليبيين لفرنسا، في الوقت الذي لا يتجاوز عدد الجالية الليبية فيها 600 فرد يعيشون بأموال ليبية. بينما يصل عدد الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا إلى الملايين، يقتات الكثير منهم على المساعدات الاجتماعية، (Le sécurité sociale)، من دافع الضرائب الفرنسي.
     ثم أليس الأولى من يُتهم بالعمالة للغرب والناتو، هم الذين يعترفون علناً بأنهم يتعاونون معهم فيما يسمى بمكافحة الإرهاب، ويفتخر مسؤوليهم بأنهم يعملون كشرطي لجنوب أوروبا حفاظاً عن أمنها دون مقابل.
     وعلى الرغم من الطعنة التي أوقعتها هذه الحكومة في خاصرة الشعب الليبي، فإن الدبلوماسية الليبية الهادئة حاولت أن تضمد الجراح لتخرج الجزائر من ورطتها، في دعم القذافي ضد الشعب الليبي، وذلك بالتنبيه على أوجه هذا التورط دون الدخول في التفاصيل لتفادي التشهير، ومراعاة لشعور الشعب الجزائري البطل الذي وقف معظمه مع الشعب الليبي. ومن هنا كان التعامل مع صلف هذه الحكومة يترك خطاً للرجعة.
     ومع هذا فإن النظام الدموي لم يكترث بهذه الدبلوماسية الليبية الجديدة التي لم يعتدْ عليها من نظام القذافي، عندما سعى في وقت سابق لتقسيم الجزائر، فاستمر الجنرالات بالمشاركة في قتل الليبيين عن طريق شراء وتهريب المعدات العسكرية وإرسال المرتزقة ، وتحريض الأفارقة على عدم الاعتراف بدولة ليبيا الحرة. وكان هدفهم استمرار الحرب بين الليبيين بكل الوسائل، ظنناً منهم أنهم سينجحون في إطالة أمد الصراع مثلما فعلوا مع المغرب، ولكن إرادة الله فوق إرادتهم.
     عليه ندعو أي حكومة قادمة بأن تفتح باب الدعاوى لكل أسرة شهيد ليبية تريد أن ترفع قضية ضد حكومة الجزائر بالاشتراك في الجرم كي تقتص العدالة من هؤلاء القتلة المأجورين الذين عتوا في المغرب العربي الفساد منذ استيلاء الحزب الوطني على الحكم في البلاد.
     كما أن على أي حكومة قادمة في ليبيا أن تتخذ كل الحيطة والحذر من المكايد التي قد يحيكها هذا النظام الجنرالاتي لزرع الفتن والقلاقل بهدف زعزعة أمن ليبيا في المستقبل. 

مصدر الموضوع الجزائر تايمز الرابط:
http://www.algeriatimes.net/algerianews18003.html

للتواصل:

fdardour@gmail.com

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire