lundi 18 février 2013

المعلم ثقل المهام وضيق الحال.!! بقلم/ د. فرج دردور


كتبها د. فرج دردور ، في 14 نوفمبر 2011 الساعة: 18:09 م


المعلم ثقل المهام وضيق الحال.!!

بقلم/ د. فرج دردور
       يعد المعلم ركيزة أساسية من ركائز العملية التعليمية؛ فهو من ينقل المعارف والمعلومات والخبرات للمتعلمين ويساعدهم على اكتساب أنماط تفكيرهم المختلفة. فالمعلم الأمين هو الذي يسعى لتحقيق أهداف تربوية تُحدث تغييرات مرغوبة في سلوك المتعلمين. ولذلك يجب ألا تقتصر مهامه على نقل المعرفة لطلابه، بل تتعداها لاكتشاف مواهبهم، والتعامل مع رغباتهم وتنمية قدراتهم، ثم دعم استقلاليتهم، من أجل تقوية شخصيتهم. 
       تلبية متطلبات هذا النهج في التدريس تحتاج لتَنوع في التدريب، كي تُصبح العملية التعليمية نشطة وفعَّالة تدعم مبدأ الكفاءات الفردية، فيكون المتعلم في صلب العملية التعليمية، وله دور فعَّال ومستقل، ومسئول عن التقدم الذي يحرزه. هذا الأسلوب من التعليم يتطلب جملة تدابير وأنشطة، أهمها اعتماد إجراءات تربوية توجه المتعلمين نحو أداء المهام باستخدام أدوات تقنية، الهدف منها تطبيق مبدأ "التدريب من أجل الحياة"، هذا المبدأ الذي حددته اللجنة الدولية المعنية بالتربية في القرن الواحد والعشرين، يتناول علاقة الإنسان مع نفسه ومحيطه، وذلك على النحو التالي: "الإنسان يتكون، كيف يتم تكوينه، كيف هو، كيف يعيش مع الآخرين، كيف سيتم ذلك." ولإنجاح أي برنامج من هذا النوع لابد من اتباع سياسة تعليمية تأخذ في اعتبارها حاجات المتعلمين، وخبرة الموجهين، وملاحظات المعلمين، وتعاون الفنيين، وآراء الوالدين. 
       وعلى الرغم من الاختلافات الثقافية والاجتماعية والأنماط الحياتية بين المجتمعات، إلا أن علماء التربية متفقون حول بعض الصفات والمقومات التي يجب أن تتوفر في المعلم كي تعينه على القيام بدوره بصورة أفضل، ومن هذه المقومات ما يتعلق بالشخصية ومنها ما يتعلق بالجانب المهني. 
       الأمر الذي يفرض اختيار المعلم وفق معايير شخصية ومهنية محددة، ثم دعم إعداده بشكل جيد على أساس هذه المقومات، ومنحه حقوقه كاملة وأهمها معادلة مرتبه بمستوى معيشته، التي يجب أن تضمن له حياة كريمة تغنيه عن ممارسة وظائف أخرى تؤثر في مهنته. عندها يمكن الاعتماد عليه، من خلال مدرسته، في احداث أثر ايجابي ينعكس على طلبته وأسرهم وبالتالي مجتمعه، فتتقدم الدولة بسواعد أبنائها. 
       ولكن هل مُنح المعلم حقوقه كي يقوم بهذه الواجبات؟ الجواب من وجهة نظري (لا). لأن الدولة وهي المسؤولة عن وضع خطط طموحة تسعى لتحقيقها من خلال التعليم، هي نفسها من تجاهلت متطلبات نجاح بلوغ أهدافها، ومن بينها المعلم أداة تنفيذها. 
        يحدث كل هذا في وسطٍ تعليمي مهمل، أقل ما يقال فيه أنه مستفرد به من قبل مدراء تنقص بعضهم الكفاءة ناهيك عن التخصص، خلفية وجودهم الولاء بدافع الاستفادة من منصب متشبثين به إلى حدٍ يندى له الجبين. فمارسوا التسلط بقرارات سادية تنقصها الحكمة وأصول الدراسة.
        الوضع الذي يستلزم وقفة جادة من المسؤولين، لمراجعة سلامة شغل الوظائف. فيكون الإنسان الكفء بالمكان المناسب، وهذا يتم وفقاً لما لاحظناه على الأقل في دولة متقدمة بإجراء مسابقات، ضمن معايير معينة، يتقدم لها أصحاب التخصص والخبرة، فيفوز الأصلح، وبهذا يكون المكلف محترماً من بين زملائه لأنه أقدرهم.
       ولذلك، نعتقد بأن المعلم ضحية نقص في الإعداد وهو مسؤولية التعليم[ ]، وقصور في المناهج وهو مسؤولية التعليم، ووقت لا يكفي وهو مسؤولية التعليم[ ]، ودورات تقوية لا تحقق أهدافها وهي مسؤولية التعليم[ ]، والعوز وهو مسؤولية التعليم، وسوء تخطيط في غياب البحث العلمي وهو مسؤولية التعليم، وعدم استقرار في النظام التعليمي وهو مسؤولية التعليم.
      ولا شك بأن النتائج السابقة، هي انعكاسٌ لسياساتٍ تعليميةٍ فاشلة، همشت المعلمين، بحرمانهم من أي دور يتعلق بقرارات تخص مهنتهم. فعبروا عن رفضهم لهذه السياسات، كلما وجدوا مساحة للتعبير. وهذه إحداهن تقول: ﴿يا سيدي المدرس في بلدي آخر من يعلم بأي سياسة تعدّ وتقرّ، وهو ملزم بتنفيذها وبدون نقاش وإلا كيف تفسر النصاب القانوني للحصص الأسبوعية وتدريس أكثر من منهج ويطلب منه التفاعل ومراعاة الفروق الفردية ونشاط مصاحب لأي مادة وتطبيق عدة طرق واستراتيجيات تدريسية حديثة مقابل عدم النظر لمتطلبات حياته لمعيشته ومشاكله العائلية؟ الأمر الذي يحوله من مدرس في الفترة الصباحية أو المسائية إلى سائق تاكسي أو ركوبة عامة ومدرسة خصوصية أو موظفة في إحدى الشركات في الفترة الأخرى؟ زد على ذلك مشاكل التسكين التي عمت على المدارس فقط دون إدارات التعليم الأخرى. سيدي الكلام زايد ناقص لأنه يأتي من ناس ماسكة مكاتب وبدون مشاكل معيشية والله اعلم والمرتاح لا يعلم بأي حال يكون المدرس!﴾
      وتضيف أخرى بلهجة عامية : (المدير الباين مش فاضي لتسير المدرسة كل ما يهمه هو قفل الإدارة والخروج للعمل على سيارته الأجرة التي يركنها بالمدرسة المجاورة الساعة عشرة وعينك ما تشوف إلا النور.. أليس من حقنا ان نناقشه فيما يخص العملية التعليمية ابسط الأشياء الخطاط الخاص بالكتابة يقول لنا اشروه من برة هل سأل المخازن وبلغوه بعدم توفره على كل حال اسفة للتطويل ولكنه واقع مرير دعاني للكتابة اليكم).] ]، انتهى كلام المدرستين.
      أليس في هذين الشاهدين، تعبيراً حقيقياً عن الحالة النفسية والاجتماعية والاقتصادية للمعلم ــ وكلها سيئة ــ وهو المسؤول عن تنفيذ أهداف التعليم. فإن كان الأمر كذلك، فهل يأتي الحال من المحال؟
      إذن أي عملية تطوير في التعليم لا تأخذ في اعتبارها النهوض بالمعلم ومنحه حقوقه، وما أكثرها، وأقلها، احتساب الوقت الذي يقضيه في إعداد الدروس والتصحيح والمتابعة وأي عمل آخر خدمةً للمدْرسَة ولو كان خارجها، جزءاً من ساعات عمله، فإن الحديث عن معدلات الأداء لن يكون إلا ضرباً من الخيال يضاف إلى سياسات التعليم الظالمة على مر العقود الماضية التي ما زلنا نجني ثمارها في فلذات أكبادنا.
       ثم وضع حلول للمشاكل التي تعوق العملية التعليمية من داخلها، كتخفيض عدد المتعلمين بالفصل الواحد بحيث لا يتجاوز 20 متعلماً، وهذا لا يتم طبعاً إلا بزيادة الفصول الدراسية. ونحن نعتقد أن النقص في الفصول الدراسية هو الذي أدى إلى استمرار سياسة التدريس بفترتين منفصلتين صباحية ومسائية، والتي أثَّرت بشكلٍ سلبيٍ على حِصة المتعلم من التعليم. كما أدت إلى وضع عدد كبير من المدرسين خارج الملاك الوظيفي، ونحن بأمس الحاجة لخدماتهم. 
      وعليه فإن معالجة هذه القضايا الإستراتيجية في التعليم، وحدها تؤدى إلى تطور ايجابي ينعكس على المخرجات، وهو ما يتمناه الجميع. 
       أما إذا لم يحصل شيء من هذا، فإن أي محاولة للتطوير تظل شكلية لا جدوى منها، وسوف تكون وسيلة لهدر المال العام دون طائل.

fdardour@gmail.com          


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire