lundi 18 février 2013

ظاهرة تأخر الأطفال في النوم، (السهر) بقلم/ د. فرج دردور

ظاهرة تأخر الأطفال في النوم، (السهر)
بقلم/ د. فرج دردور

   يشكو معظم المعلمين من ظاهرة نعاس الأطفال، أثناء تقديمهم للحصص الدراسية ، الأمر الذي يؤثر سلباً على مستوى تحصيلهم العلمي. والنعاس الذي يصيب بعض الأطفال في الفصول الدراسية، في الغالب يكون نتيجة نقص في عدد ساعات النوم الحاصل من السهر ليلاً، الذي ينهك العقل ويؤثر على الذاكرة.

   وتعد ظاهرة تأخر الأطفال في النوم من المسائل السلبية التي ترتبط بثقافة المجتمع، وهي من العادات السيئة التي تتعلق بالخلل التربوي الشائع في أغلب مجتمعات العالم الثالث. ويحدث هذا عندما يختل النظام الذي يرتب أوقات الأطفال، ويقسمها بين اللعب والقراءة والنوم. 

   ويعتبر تأخر الأطفال في النوم بالمجتمعات المتقدمة ظاهرة تسيء للأسرة التي تأخر أطفالها عن النوم ولو ليلة واحدة. فتجدهم يتأسفون جداً لجيرانهم مخافة معرفتهم بدلك، فيكثرون من الاعتذار وتقديم المبررات لهذا الخطأ الجسيم من وجهة نظرهم.

   أما في مجتمعنا الليبي فإن موضوع تأخر الأطفال في النوم منتشر بشكل كبير بين الأسر. وللأسف قد تلاحظ بعض الوالدين يفتخرون بأبنائهم الذين يسهرون، ويُقِضون الذي ينام منهم مبكراً. وهذه الظاهرة نشأت من تراكم ثقافي حدث نتيجة تربية منفلتة غير موجهة، حصلت في ليبيا طيلة العقود الماضية.

   وعلاج مثل هذه الظاهرة بعد تجدر الثقافة التي أنتجتها، لا يكون إلا في إطار تربوي عام يبدأ من الأسرة التي تحتاج لبرامج توعية مكثفة عن طريق وسائل الإعلام، ومنظمات المجتمع المدني، وينتهي بالمدرسة التي يجب أن تركز على تعليم الطلاب كيف ينظمون أوقاتهم، ويتم ذلك عبر مناهج تعليمية هادفة تعمل على تغير مختلف أنماط السلوك غير المرغوب فيها، ومنها التأخر في النوم.

   أما بالنسبة للنعاس الناتج عن ملل الأطفال من الحصة الدراسية، فعلاجه يكون بتطبيق برنامج التعليم المتنوع بالنشاط، الذي يتيح للطالب المشاركة الفعَّالة في العملية التعليمية، وهذا يكون باستخدام التقنيات الحديثة التي ترسخ مبدأ التعليم والتقويم الذاتي الذي يجعل دور المعلم منحصراً في المراقبة والتوجيه، ويفسح المجال للمتعلم كي يكون في صلب العملية التعليمية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
ردود على بعض التعليقات

1ـ لربما يكون إبلاغ الأهل نوعاً من العقاب الذي لا يحبذه الطفل، ونحن لا نلجأ إليه إلا بعد أن نعطي الوقت الكافي لعلاج المشكلة عن طريق التواب، وإذا لجأنا إلى العقاب فيجب أن يكون في إطار ضيق، وفي حدوده التربوية. مع العلم أن كلما أفرط المعلم في استخدام العقاب، أعطى دليلاً بأن تأهيله التربوي أضعف من زملائه الذين يحسنون قيادة طلابهم دون الإكثار من العقاب. وهذا لا يعني عدم وضع أهل الطفل في الصورة الدراسية التي عليها طفلهم.

2ـ حتى تقنع الناس بتغيير عاداتهم لابد أن تكون كل التوقيتات ـ بما فيها العمل ـ مدروسة علمياً ومبررة بحجج منطقية، علماً بأن أي اعتماد علمي لتوقيتات العمل والدراسة، سوف يفضي إلى الإقلال من كثرة الزيارات الأسرية والمشاركة في المناسبات الاجتماعية التي تأخذ في جل وقت الليبيين. وهذا التحدي الكبير الذي سوف يواجه كل الحكومات القادمة حتى تستطيع تطوير البلاد. لأن الوقت في ليبيا يهدر بشكل كبير، سواء من جراء سوء التنظيم أو من جراء جلسات المجاملة الاجتماعية. ولو اعتمدت الدول النظام الليبي في عدم مراعاة الوقت، لانهار اقتصاد العالم خلال أسابيع، ولكن حكمة الله جعلت لليبيين ثروة تخرج من تحت باطن الأرض دون تعب، وهذا سر استمرار اقتصاد ليبيا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire