lundi 18 février 2013

ثقافة الولاء وسياسة الإقصاء بقلم/ د. فرج دردور

ثقافة الولاء وسياسة الإقصاء
بقلم/ د. فرج دردور
       نترحم على شهداء الوطن الإبرار ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين جراء القتال، والشكر والتقدير للمجاهدين الإبطال المرابطين في جبهات النضال، ونأمل الهداية والرشد للمتسلقين بهدف الإحلال، ونرجو مراعاة حدود الله لجامعي الخردة من الأطلال.
لا يمكن لأحد أن يصف ـ بشكل دقيق ـ بشاعة جرم النظام السابق في هتك كل القواعد المنظمة للإنسانية، وتدمير مؤسسات المجتمع المدني على مدى أربعة عقود، واستهداف بناء الإنسان الليبي الذي حُرم طوال هذه المدة من كل الوسائل العامة التي تمده بالثقافة، كارتياد المكتبات واقتناء الكتب، وقراءة الصحف والمجلات، أضف إلى ذلك، ما قام به النظام من محاربة كل فكر لا ينضح من منهله الأخضر، فحجب العباد عن النور حتى لا يرون إلا البؤرة التي سمح بها من خرم خيمته. 
       كل هذه العوامل مع غيرها، أثرت سلباً في تشكيل هيئة الإنسان الليبي السلوكية، فكان لثقافة الإقصاء وانعدام الحوار، ورفض الآخر وسرعة الانفعال، وتمجيد الأفراد والالتحام بهم، وتوزيع المناصب على أساس الولاء بدل الكفاءة، انعكاساً واضحاً في هذه الثقافة السائدة ولا يخلو الأمر من استثناءات.
       ومما (يزيد الطين بلة) هو: ما إن خرجنا من أمية القرن العشرين وهي القراءة والكتابة، حتى دخلنا أمية القرن الواحد والعشرين وهي عدم القدرة على استخدام تقنية المعلومات. وللأسف تحت هذه الضغوط الثقافية يعتقد البعض أن دور الصحافة هو التمجيد والتطبيل. 
       فالصحفي النزيه عليه ألا يلتفت إلى المدَّاحين أو القدَّاحين خدمة لأجندات معينة، وأن يكثر من استخدام أدوات التبعيض والتقليل في كتاباته، وأن يبتعد عن أسلوب الجزم والتأكيد في حكمه، وأن يتحلى بالدقة والموضوعية عند توجيه النقد الذي يجب أن يوجه لأعمال الأفراد ولا يصل إلى ذاتهم أو يخدش عائلاتهم، وأن يتفادى اتخاذ مواقف متطرفة ضد جهة (ما) لمجرد تباين في الآراء. قال تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، البقرة (42).
       إخواني أينما كنتم في أرض ليبيا الحبيبة، العالم يراقب تصرفاتنا وسوف يحكم من خلالها على نهجنا، فإن قدمنا وجهاً حضارياً سوف يمد لنا يد العون في إعادة بناء دولتنا بناءً حضارياً متقدماً، مثلما حصل في بعض دول أسيا وأمريكيا اللاتينية، أما إذا قدمنا وجهاً مخالفاً فسوف يندم لوقوفه معنا، ويصنفنا في خانة الإرهاب، ويُجر الكثير منا بجريرة القلة.
       وعلى الرغم من أن الوقت مازال مبكراً للحكم على المستقبل، إلا أن هناك مؤشرات خطيرة تدل على أن تحديات المرحلة القادمة قد تكون أصعب من مرحلة التحرير، وخصوصاً بعد اختلاط (الحابل بالنابل)، فالكل يدعي الثورة ويتحدث عن بطولات وإن كان الأمر يقتصر على الظهور أمام الكاميرات برباط الأعناق، أو بالسيطرة على عقد جغرافية بالبوابات لتصفية الحسابات بين بعض العائلات، أو بتخصيص المقار العامة لبعض الجهات، وتكليف بعض الأشخاص بمهمات اعتماداً على الولاءات وليس الكفاءات. 
      وقد تحسب بعض الظواهر السلبية على الثوار، نتيجة الاختراقات من بعض المجرمين الذين لديهم القدرة على سرعة الاندماج وتمثيل الأدوار، إلا أن هدفهم يبدو غنائمي عند سقوطهم في أول سؤال وهو ماذا قدمت للثورة؟ فإجابة معظمهم تكون بالحديث عن بطولات غيرهم. 
       إن المجلس التنفيذي، وإن كنَّا نختلف مع بعض رموزه، وخصوصاً تعييناته في تنفيذية طرابلس التي هي ـ وفق بعض المنتقدين ـ من لون واحد ، إلا أن ظروف المرحلة تستدعي الوقوف معهم لدرء الفتن. ولابد من الاعتراف بأن المجلس التنفيذي قد تمكن ـ إلى حد كبيرـ من إرجاع الأمور إلى نصابها بالمدن المحررة، وإن التحركات التي قام بها بعض الإخوة في الداخل والخارج، قد حصدنا ثمارها السياسية عندما اعترفت معظم دول العالم بالمجلس الوطني. ولماذا الخوف والكل يتحدث عن اللعبة الديمقراطية، ولن يكون بيننا مكان بعد اليوم للطغاة.
       نأمل من الله أن يوفق الجميع إلى ما فيه خير ليبيا، ويبعد أبناء شعبنا عن أسباب الفتن.

للتواصل:

fdardour@gmail.com

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire